قصة رائعة من قصص بطولات نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأجدادنا الصحابة رضي الله عنهم نزلت بسببها آية في القرآن.. فتعالوا نسمع الحكاية من بدايتها.
بعد أن نزل الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بدأ يدعو قومه سرًا إلى الإيمان بالله.
وإخلاص العبادة له وحده، وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة، فصعد إلى جبل عالٍ ونادى قبائل قريش.
فلما اجتمعوا إليه أخبرهم أنه رسول من رب العالمين، وأنه يبشر من آمن بالله بالجنة، وينذر من كفر بعذاب النار.
ومنذ ذلك اليوم اشتد إيذاء الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم وكل من آمن معه، فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم من أقرب الناس إليه، وخاصة من عمه أبي لهب وزوجته أم جميل. ومن أبي جهل وأمية بن خلف.
راح المشركون يعذبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى قتلوا الصحابية سمية بنت خياط، أم الصحابي عمار بن ياسر، فكانت أول شهيدة في الإسلام، وعذبوا بلال بن رباح وجرَّوه على رمال مكة
وهي أشد ما تكون لهيبًا، ثم كانوا يضعون فوق صدره حجرًا لا يستطيع أن يرفعه إلا مجموعة من الرجال، كما عذبوا آخرين، فمنهم مَن فقد بصره، ومَن جُلِد حتى سالت دماؤه ليعود إلى الكفر.
فعلت قريش كل هذا ولم تنجح في إرجاع المسلمين عن دينهم، أو حتى تخويفهم من بطشها وجبروتها.
سلاح الإغراء:
فلما عجزوا عن إعادة المسلمين إلى الكفر، قرروا أن يلجئوا إلى سلاح الإغراء بالمال والجاه والسلطان؛ ليكف محمد صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه عن دعوتهم التي يزداد عدد المؤمنين بها يومًا بعد يوم.
فذهبوا إلى أبي طالب- عم النبي صلى الله عليه وسلم - وطلبوا منه أن يعرض على مُحمدٍ كل ما يتمناه من مال أو سلطة أو جاه في مقابل أن يترك هذا الدين الجديد، ويعود هو والمؤمنون معه إلى عبادة الأوثان.
ذهب أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه ما قالته قريش، فقال صلى الله عليه وسلم في عزة وثقة بالله: "والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهره اللهُ، أو أَهْلكَ دُونَه"*.
بهذه الكلمات أعلن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يتراجع ولن يتزحزح عن دعوته، وأنه سيستميت في هداية الناس ودعوتهم إلى الله، وإرشادهم إلى طريق النور والحق.
الحيلة الماكرة:
فلما يئس المشركون من ترك النبي صلى الله عليه وسلم لدعوته، قرروا أن يستخدموا معه حيلة أخرى لصرفه عن دعوة التوحيد، ظانين بجهلهم أنهم يستطيعون أن يخدعوا النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق جماعة منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقالوا: يا محمد، اتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيرًا مما بأيدينا شاركناك فيه، وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرًا مما في يدك قد شركت في أمرنا وأخذت بحظِّك.
وكان قَصْدُهم: أن يعبد النبيُّ صلى الله عليه وسلم اللهَ عامًا، ثم يعبد أصنامهم عامًا، ويفعل الكفار مثل ذلك، فإن كانت عبادة الله هي الحق نكون قد عبدناه جميعًا عامًا.
وإن كانت باطلًا وضلالًا نكون قد تركناها سَنَةً وتمتَّعْنا بالحَرام وما نشتهي من الأشياء التي نهى الإسلام عنها: كالخمر والميسر ووأد البنات والزنى، أي نشترك معك في طاعة الله يا محمد سَنَةً، وتعصاه أنت معنا وتشاركنا الكُفر والحرام في السنة التي بعدها.. وهكذا.
وكانت حيلة ماكرة خادعة، وقبل أن يجيب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أنزل الله على نبيه ردًّا على قول المشركين الفاسد القبيح..
جاء الوحي يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ على الكافرين قوله تعالى:] قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ، وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ[سورة الكافرون.
فلما قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، عندئذٍ علمت قريش وعلم الناس جميعًا أن المؤمن الحق لا يمكن أن يتخلى عن دينه، أو يتنازل عنه، أو يتركه ولو لثانية واحدة، فلما سمع المشركون هذه الآية يئسوا من صَرْفِ المسلمين عن إيمانهم، أو تحويلهم عن دينهم.