والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وأصحابه ومن تبعه إلى يوم الدين
ان الإسلام تميز بخصائص كثيرة منها :الحرص على تنمية العلاقة الإيمانية بين المسلمين
قال تعالى (إنما المؤمنين إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)
والهجر والقطيعة كبيرة من كبائر الذنوب
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فقال انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا ) رواه مسلم
فإن المسلم الموحد الصادق يغض الطرف عن النزلات والهفوات
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ) رواه البخاري ومسلم
والألد الخصم هو الذي يفجر في خصومته
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لاتهجروا أي لاتتكلموا بالكلام القبيح ولا تدابروا ولا تجسسوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله أخوانا) رواه مسلم
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لايحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) رواه البخاري ومسلم
وعن أبي خراش السلمي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) رواه أبو داود وصححه الألباني
(ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) رواه أحمد وقال الألباني:صحيح على شرط مسلم
إن الوحدة والمودة والتآخي مطلب ديني شرعي وإن كل مسلم على وجه الأرض مسئول عن هذه الوحدة والأخوة ومحاسب على التفريط بها
يجب على الجميع السعي في زرع أشجار المودة وبث عطر الأخوة وتعميق أواصر المحبة كل بحسبه وعلى قدر طاقته
ولو بدأ كل منا ببث هذه المبادئ وغرس هذه المثل في أهل بيته وأفراد رعيته لأفلحت الأمة وأنجحت
فإن تعميق سبل المودة وطرق المحبة داخل الأسرة الصغيرة طريق إلى تمثلها وقبولها لدى الأسرة الكبيرة
إن التهتك الأسري والتهدم العائلي والتمزق الأخوي أصبح شبحاً مخيفاً وخطراً محدقاً بأمة الإسلام
إن الإسلام هو الأسرة فإذا قامت قام بناؤه وإذا تهدمت ذهب جماله ومزقت أوصاله وساءت أحواله
إن الإسلام هو الأسرة الكبرى التي ينطوي تحت لوائها أبناؤه المتقون ويستظل تحت سقفه أتباعه الموحدون وينعم بظلاله ويأوي لرحتمه ويسكن إليه أفراده المخلصون
ولايمكن أن يتحقق ذلك السكن وتقطف تلك المنى وتنال هاتيك المطالب إلا بعد أن يتحقق وجودها ويستقيم عودها في داخل الأسرة الصغيرة
إنها معان عظيمة وخصائص قويمة تبدأ بالأسرة الصغيرة ثم تنداح دائرتها وتتسع قاعدتها حتى تشمل الأسرة الإسلامية بأسرها
يبدأ الإيمان والتقوى والحب والتعاون والتآخي والترابط والتراحم والتربية والتزكية من الأب إلى الأم إلى الابن إلى الأخوة فالأخوات فالأعمام فالأخوال فالأقارب فالأصهار فالجيران وهكذا إلى أن تعم هذه المثل
ولكن أذا يبست أشجار المودة وماتت جذور المحبة وتكسرت جذوع التآخي والترابط والتراحم وماتت جمعاً في مهدها ، فكيف يرجى وصولها لمن يتطلع إليها ويرنوا لرؤيتها من البعيدين عنها
ولذلك فإن بداية صلاح المسلمين هو بأن يبدأ كل مسلم بنفسه ويسعى لإصلاح أهل بيته
فإذا استشعر كل منا مسؤوليته وقام بواجبه وآمن بدوره فذلك هو الفلاح الأعظم والنجاح الأكبر
إن كل محب لله محب لدينه محب لرسوله محب لرفعة الإسلام وعزة الإيمان يجب عليه أن يسعى جاهداً وأن يبذل صادقاً لبث هذا المبدأ العظيم ، والخلق الكريم لأنه العنصر الأهم في رفعة الدين ونصرة الإسلام
إن عوامل المودة تمزقت داخل البيت المسلم من عقوق للوالدين وهجر للأبوين وتخاصم للزوجين .. إن حقوق الأخوة ضيعت داخل الأسرة الصغيرة فكيف بالأسرة الكبيرة من أعجب العجب أن ترى الإخوة في النسب وقد تنافرت قلوبهم وتباغضت أرواحهم وتمزقت أواصرهم ذلك بأسباب الدنيا وحطامها لم يؤثر فيهم نسب ولم يهذبهم دين ولم تصلحهم عقيدة فكيف ترجى الحمية والتواصل بينهم ؟؟
إن على المسلمين جميعا أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يصلحوا ذات بينهم فان الخطر كبير
ويوم أن كانت أمة الإسلام ممسكة بزمام الفضائل ، محافظة على روائع المثل عاشت أمة مرهوبة الجانب قوية الشوكة عزيزة الحياة موحدة الصفوف موثقة الأركان ، لايخترق صفها ولا تذهب ريحها ولا تمتهن كرامتها ، ولا ينال من شرفها كالعقد المنتظم والمنظر المنسجم والبنيان المرصوص
فلما أن دب الخلاف وبثت الفرقة ، ونشبت الخصومة واستشرت القطيعة ، وتشاحنت النفوس ، وتباغضت القلوب وتناكرت الأرواح ، ذهبت الكرامة وتلاشت العزة ونكست الرؤوس
والله سبحانه وتعالى يقول : (ياأيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها)
وقال تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)
وقال تعالى (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم)
وقال تعالى ( فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين)
وقال تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )
وقال الله تعالى (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات)
وقال تعالى (لا خير في كثير من نجواهم الآمن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً)
فأبشر يا أخي بالخير والأجر العظيم من الله الكريم إن أصلحت النية وأخلصت العمل لله تعالى متبعاً منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضي الله عنهم والسلف الصالح رحمهم الله
فعلينا مواصلة التواصل ومحبة الخير للناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحسنى مقرونا بالعلم والصبر والحلم والآناة
وتأمل قوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين)
وقوله تعالى (و لاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)
وقوله صلى الله عليه وسلم (لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولاتؤمنوا حتى تحابوا) رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم
وقوله صلى الله عليه وسلم (لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينكم) رواه البخاري ومسلم
أسأل الله الكريم أن يهدينا جميعاً إلى صراطه المستقيم
وأن يصلح نياتنا وأعمالنا وأقوالنا وأحوالنا وأخلاقنا وأهلينا وذرياتنا
وأن يرزقنا التسامح والحلم والأناة والألفة والائتلاف والتعاون والتكاتف والترابط، ولنطرد الجهل والغضب .
-
-
اللهم استودعك قلبى فلا تجعل به احدا غيرك واستودعك لا اله الا الله فلقنها لى عند موتى :::